اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 339
شق وعظم عَلَيْكُمْ مَقامِي فيكم وحياتي بينكم وَتَذْكِيرِي إياكم بِآياتِ اللَّهِ الدالة على توحيده واستقلاله في ألوهيته وربوبيته فَعَلَى اللَّهِ لا على غيره إذ لا غير معه ولا شيء سواه تَوَكَّلْتُ اى وثقت به وفوضت امرى اليه فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ اى فعليكم ان تجمعوا عموم تدابيركم في قتلى وإهلاكي وَمع ذلك ادعوا شُرَكاءَكُمْ واستظهروا منهم لدفعى ثُمَّ بعد تدبيركم في انفسكم واستظهاركم بهم أظهروا بحيث لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ وشأنكم ولم يبق فيه عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثلمة وسترة أنتم تغتمون بها وتحزنون بسببها بل رتبوا أموركم وأسبابكم كلها على الوجه الذي تقتضيه نفوسكم وترتضيه عقولكم ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وامضوا واصرفوا نحوي جميع ما اعددتم وهيأتم من الأسباب الموجبة لهلاكى ومقتى وَلا تُنْظِرُونِ ولا تمهلون طرفة بل امضوا على دفعة ما أنتم عليه من قتلى ومقتى فاعلموا انى لا أبالي بكم ولا بتدابيركم وظهراءكم إذ الله حسبي وعليه توكلي وبه اعتمادي واعتصامي اذكر لكم باذنه وأعظكم بوحيه على الوجه الذي أمرني واوحانى
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم أنتم وانصرفتم عن تذكيري بلا سبب وما هو الا من جهلكم وضلالكم فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ حتى يكون سبب توليكم وأعراضكم سؤالى منكم الجعل ويشق عليكم إعطاؤه فانصرفتم وأعرضتم بل إِنْ أَجْرِيَ اى ما اجرى وما جعلى إِلَّا عَلَى اللَّهِ الذي قد أمرني به وَكيف لا قد أُمِرْتُ انا من عنده أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ المسلمين الأمور كلها اليه المنقادين لحكمه وقضائه إذ الكل منه بدأ واليه يعود ومع ذلك النصح والشفقة والتليين التام المنبعث عن محض الحكمة وكذا مع انواع الحجج والبراهين الدالة على صدقه في دعواه
فَكَذَّبُوهُ عنادا ومكابرة وأصروا على تكذيبه عتوا واستكبارا فأخذناهم بالطوفان لانهماكهم في الغي والطغيان فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ اى نجينا نوحا ومن آمن به من الغرق محفوظين فِي الْفُلْكِ التي قد نحتها نوح عليه السّلام بيده بوحي الله إياه وتعليمه وهم قد استهزؤا معه حين اشتغل بنحتها وترتيبها وَجَعَلْناهُمْ اى اصحاب السفينة خَلائِفَ من الهالكين وهم ثمانون مؤمنون بالله مصدقون لرسوله وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ ايها المعتبر الناظر كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ المكذبين لنذيرهم ومنذرهم والى اين ادى انكارهم واستكبارهم فاعتبروا يا اولى الأبصار
ثُمَّ لما ازداد أولئك الخلفاء الناجون وتشعبوا الى ان صاروا امما وأحزابا ودار عليهم الأدوار والأكوار وصاروا منصرفين عن طريق الحق مائلين منحرفين عن سبيل الرشد والسداد بَعَثْنا لإصلاح أحوالهم مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد نوح رُسُلًا منهم كل واحد من الرسل إِلى قَوْمِهِمْ وأمتهم فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ الواضحة والمعجزات الساطعة القاطعة المثبتة لدعواهم من لدنا فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا اى ما تيسر لهم وما صح عندهم وما ثبت لديهم ان يؤمنوا ويصدقوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ اى قبل بعثة الرسل بل قد أصروا على ما هم عليه واعتادوا له بلا تغيير ولا تبديل لتركب جهلهم المركوز في جبلتهم وخباثة طينتهم وبالجملة كَذلِكَ نَطْبَعُ ونختم بختام الغفلة والنسيان عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين عن حدود الله الراسخين على التجاوز والعدوان حسب فطرتهم
ثُمَّ لما عتوا عن الأمم الماضية من عتوا وأخذنا منهم من أخذنا بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ اى بعد هؤلاء الرسل الماضين مُوسى وَهارُونَ الذي هو اخوه وظهيره إِلى فِرْعَوْنَ المبالغ في العتو والعناد الى حيث ادعى الربوبية لنفسه من شدة بطره وخيلائه حيث تفوه بكلمة انا ربكم الأعلى وَالى
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 339